المكتب الرئيسي عدن

أياما فوق جبال يافع.

يافع بليات السيل..

يافع بليات الجنوب..

الحلقة الخامسة الأخيرة

قبل أن ندخل في تفاصيل اليوم الخامس من الرحلة دعوني اروي لكم

أطرف ما حدث لي في تلك الرحلة الرمضانية  الجميلة الموفقة وهو ما فاتحني به أحد الناشطين هناك

و كان قصده ينصحني لا أن يثبطني.

قال لي يا دكتور انت ظلمك اسمك

قلت له مستغربا  كيف؟

قال انت مناضل وكادر جنوبي كان لك دور مشرف ولا تزال ، ولكن اسم الدباني جعل الناس يحسبونك شماليا

لأن  قبيلة الدباني من البيضاء  مع انك من حالمين. قلت له يا صاحبي

هذا اسمي من زمان وجدي قبل أكثر

من خمسمائة سنة غادر البيضاء

إلى يافع ومن يافع اتجه غربا

إلى أن حل في حالمين وسط شعب

وعر وبعيد وكان وحيدا وهناك أسس

قرية كاملة وقبيلة كاملة وبنى هو ومن جاء بعده من الأبناء والأحفاد

المدرجات في سفوح الجبال حتى بلغوا قممها وصاروا جزءا من هذه

الأرض مثلما هي حالمين جزء من بلاد الجنوب.  الانتماء للجنوب ليس

انتماء قبليا حسب الأصول القديمة

ولكنه انتماء وطني يفوق كل الانتماءات.  وحتى قبليا فقبيلة الدباني في حالمين قبيلة حالمية جنوبية ولم يعد لها أرتباط ما بالبيضاء ولا بقبيلة الدباني هناك.

ثم يا عزيزي فإن قضية الجنوب أكبر من هذه الحسابات او البحث عن الجينات.  قال لي انا أعرف ذلك

ولكن البعض سوف يزايد عليك ولو من باب المكايدة والمنافسة.

قلت له : ذلك لا يهمني بل يهمني تصحيح مثل هذه الحسابات الخاطئة والضيقة،  انا معك أن نظام صنعاء بعد أن احتل الجنوب كان يركز على هذا الجانب ويحاول استقطاب من كانت أصولهم القبلية من الشمال

لكي يستخدمهم ضد إخوانهم الجنوبيين لكي يضرب الجميع

ويقال إن مصطلح عرب 48 انطلق من اروقة الأمن السياسي لزرع الفتنة

وتخويف كل من كان من أصول شمالية قريبة او بعيدة لكي لا ينخرط في ثورة الجنوب التحررية،  هذه السياسة ربما صدقها البعض ولكنها لم تنطل على الجميع. ومع هذا فقد استطاع الاحتلال أن يستقطب جنوبيين لم تكن اصولهم من قبائل الشمال نهائيا،  يعني المسألة سياسية ومصالح ضيقة احيانا. ولا تنس أن القبائل متداخلة سواء على مستوى الجنوب والشمال او على مستوى البلاد العربية وهي ليست التي تحدد الهوية الوطنية وأجمل شيء في قبائل اليمن أنها تنتمي إلى الجغرافيا

ولا تنتمي إلى الجذور القبلية البعيدة خاصة في الجنوب . قال لي انا قصدي انصحك لكي تنتبه لهذه المسألة لكي لا يهمشك حتى رفاقك.

كنت اضحك وانا اقول له :

إذا كان جدي الذي قدم من المشرق

هاربا مشردا مسكينا قبل أكثر من خمسمائة سنة إلى يافع ثم إلى حالمين سوف يشوش على انتمائي للجنوب وعلى اخلاصي لقضيته العادلة فهذا يعني أن هناك شيئا خاطئا يحدث في مسيرتنا ورؤيتنا

وعلينا تصحيحه ونبذه لأنه من فعل الاحتلال نفسه.

تعرف يا صاحبي أن بعض الشماليين ممن أعرفهم يقول لي:  سوف يأتي يوم يتنكر لك اصحابك  ويحسبونك علينا ، وهذا شغل تحريض واضح يصدقه الحمقى ، ثم أن هناك حسابات في الفيس بك بأسماء وهمية جنوبية يافعية وعولقية وغيرها يدخلون يعلقون على منشوراتي احيانا ويقولون لي ما دخلك انت في الجنوب لن يصدق الجنوبيون ما تكتبه  . وهؤلاء اصلا أسماء مستعارة،  بهدف اختراق الجنوبيين .

  المهم في الأمر يا صديقي هو الشعور بالانتماء إلى هذه الأرض الغالية والولاء لهذا الوطن المعطاء وقضيته العادلة والعمل على استعادة دولته المستقلة.

(فاما الزبد فيذهب جفاء واما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض)

قضية الجنوب ليست قبلية ولا عنصرية ولا عرقية ولكنها وطنية شعبية.

شكرت صاحبي على نصيحته وحرصه وشعرت أنه قد اقتنع بما تفلسفت به عليه ، مع أنني قلت ما انا مقتنع به.

 هذا هو اليوم الخامس من الرحلة وهو آخر يوم طبعا ولكن الأمسيات لم تنته بعد. فهناك منطقة (العمري) تنتظرنا بشوق  وراء الجبال لنتوج نشاطنا فيها ومن ثم نعود إلى عدن معتذرين  لأحبتنا في سباح وفي سرار عن عدم استطاعتنا  مواصلة إحياء الأمسيات الرمضانيه عندهم.

كانت العمري وراء الجبال فلابد من طلوع الجبال ثم النزول إليها ، هاهنا كبرت أوراق المذكرة فهي جبال متداخلة عالية . حلقنا فوق الجبال مثل النسور قبل ننحدر جنوبا إلى العمري. كانت الشمس تودع الوجود يومذاك وكنا نودع يافعا  على أمل أن تشرق شمس الجنوب غدا.

هبطنا إلى العمري مع هبوط المساء

حل موعد الإفطار  عند وصولنا ديار العمري العامرة.

 أحببت هذه المنطقه قبل أن أراها من حبي لعدد من الزملاء الذين ينتمون إليها وفي مقدمتهم الدكتور زيد قاسم الشطيري رفيق هذه الرحله ورفيق الدراسه والتدريس

ورفيق رحلة العراق،  والأدب والنقد والنضال الوطني الجنوبي. العمري منطقة الكفاءات والكوادر أكثر من غيرها في يافع يعشقون التعليم عشقا كبيرا ، تحدثنا إليهم بكل أريحية ولم أطل الكلام كما أطلته تلك اليللة في العمري على عكس الليالي السابقة ، كانوا يناقشون ويطرحون ويستفزون العقل الثوري بما يطرحون ليفتش عن إجابات شافية نظرية  وعملية  لتلك التساؤلات. لم نشعر هنالك بأي سوء ظن في فهم رحلتنا و رسالتنا الوطنية كما حدث في بعض ليالي تلك الرحلة كما حدثتكم من قبل . تناولنا سحورنا على ضوء القمر قمر رمضان المبارك  ونحن نهبط إلى قاع الجبال في رحلة العودة إلى عدن الحبيبة . لقد خصصوا لنا سيارة على حسابهم تعود بنا إلى عدن كلا  إلى منزله،  العميد حمود السعدي والدكتور زيد وانا. كان الدكتور زيد يقص علينا بعض تفاصيل حياته في تلك البلاد وأحيانا يسمعنا من أشعاره كانت الطريق مقفرة  تماما لم نصادف فيها سيارات لا طالعة ولا نازلة تلك الطريق يسمونها ( طريق تنحرة )  نزلنا من الجبال واستقبلتنا  سيلة متعرجة ولكن الطريق خلالها ليست وعرة ولاشاقة كانت محفوفة بشجر العلب الضخمة المهيبة.   وفي مسجد على الطريق قريب العسكرية صلينا الفجر وواصلنا السير إلى عدن. دخلنا عدن وهي مقفرة  الصباح كعادتها في رمضان كأنها في غسق  عدن بوجه عام مدينة لا ينطلق ضجيجها صباحا إلا لضرورة العمل  والدوام اما بهجتها وحركتها الاعتيادية والتلقائية  فإنها تنطلق في المساء،  هذا حين يكون الوضع العام اعتياديا وما ابعد ذلك الوضع الاعتيادي عن  أوضاعنا الراهنة!! لفحتتا شمس عدن ورطوبتها لكننا قد اشتقنا إلى النوم فيها في ظل هدير المكيف أو دوران المروحة او ريح خفيفة تتسلل إلينا من البحر …

د عبده يحيى الدباني.

Comments are closed.