المكتب الرئيسي عدن

أزهار كبيرة تسقط بعد الأمطار (مختارات شعرية)

يوم في نيويورك أو من ألف إلى ياء

أ

هل تؤثر
عليّ
الغراب والبقرة
أنا:
اللغة
والغيمة؟

ب

نيسان
أقسى الشهور
كانون الأوّل
الأكثر عتمة
سماء الغبار الذرّي
والإيست ريفر
اختفيا
ومانهاتن تعلو
من جديد
مكان
الشمس

ت

أزهار كبيرة
تسقط
بعد الأمطار
وصموئيل بيكت
يشرب
شايه
في ركن شارعي
ووستر
وسبرنغ

ث

أخبار…
واحد
وثانٍ
حاكم المدينة مات
من أقصى الشرق
حتى الغرب
كانت القطارات
تسقط
قِطعاً
كما
قبلاً
سقطت مارلين مورو

ج

لرونالد
بنطلونات فضفاضة
للمستنقع قمر
بين رجليه
لاعباً
بالكرة

ح

قرشان
يلقيان فوق البساط
يجعلان امرأة
تنحني
مثل جندي
عاد
من الحرب

خ

هناك ضجيج كبير
في هذه الأزمنة
حتّى الملائكة
مغطاة الوجه
بالدّم
لو قلت لك أُحبّك
فهل تعتقد
أنّ القطارات
ستحلّق
في الليل

د

ليكن
أتيت
حاملاً فيك
المدرّج
حاملاً
القهوة
وأنا أضعت
مفتاح
الزّبدة

■■■

سحب تتمدّد

أيتها السحب التي تتمدّد حاملة الرصاص
إنّك تثقلين على هذه الأرض

كنتُ أردت أن أُغنّي أوبيريتات من نحاس
تحيّة لجبال السييرّا
وأمام الأجسام الميّتة
للأطفال الزّهور

ولكن كلّ شيء ينتهي إلى صراخ وصمت

الأجداد الجدد يثوون
في أسافل جبال أخرى
وفي قبور أخرى

مالكولم إيكس، مارتن لوثر كينغ
عبد القادر المتصوّف والمحارب

وأنتم يا قوّاد الهنود الحمر دموعكم
تشكل العواصف الكبرى
لكاليفورنيا

أجيء أقول لكم
أنّنا نقف وحيدين

سيّارات مصفّحة
تحشّ الحياة كما لو كان
حصاد موتى

أيها السائرون المتمردون الثائرون
المقيّدون الغاضبون
نشيد عقيم فوق شفاهكم
يمنح أضحية لإله السلام
الأخير

حتّى هذا الإله يجب أن نتخلّى عنه
لأجل الذرة التي تنبت فوق
سفوح غواتيمالا

أيتها الأمم الهندية الحمراء ضروريّة لنا
الحكمة التي تتنزّل
في رؤاكم اليوميّة

ها هي حالة أمّنا التي تشملنا:
الأرض

نحن جميعنا جزء فاعل
من عمليّة خلق مستمرّة
ثقل المياه التي تسقط لم يكن رعباً

ونحن لا نريد تفجير
ذرات ولا أقوام…

في خلايا السجون الأكثر عتمة
ثمّة نور يضيء
العالم

لا تكونوا آخر من يمارس الإبادة
من يقذف بأطفالنا
في المحرقة الكبرى

آه أيّها الجمال اللعين
الذي يسكن كلّ سلطة

*

أرى هنوداً حمراً يحملون
جسد تشي غيفارا
عبر غابات تذبل كما تذبل الورود
بسبب عبوره

عندما تأتي الأمطار السّوداء الشاسعة
ملائكة متراتبة تطلب
الغفران:
الجنس البشري كما تقول
في خطر.

ما الذي سيحدث للملائكة
عندما نزول نحن؟

أرى عيني أمّي الاغريقيتين
تنحنيان فوق احتضار
أبي العربي:
حضارتان تموتان معا
عاشقان غريبان كانا يقولان
لهذا العالم وداعاً…

لا أريد لكوكبنا نهاية
مثل هذه

كأنّما على مضض تقبلا السرّ الأكبر
لحظة الشروع في السفر الكبير

ونحن لسنا بدائيين لدرجة
نغسل فيها أقدام
الأقوياء
طالبين منهم أن يوفروا
قارّاتنا

أسلحتكم تزيل سلطتنا

لنقل لأنفسنا في وضوح جديد
أن المسيح لن يعود
أبدا

نحن وحيدون
وموزّعون في شكل أغصان عديدة
الشجرة حاملة الانساب تعبر
المحيط الكبير

ذهبت صديقتي إلى نيكاراغوا
تتعلم مناخاً
جديداً
هي لا تستطيع أن تعيش بعيداً
عن فصل خاص
هو فصل حبها

قرون من ممارسات محاكم التفتيش
لم تستطع هدم لغة
الرّيح

هي تدرك غياب
أميركا اللاتينية
إنما تعني
أميركا الهندية

جالسون نحن في غرفنا البائسة
نعدّ ثروات غائبة

مباراة كرة القدم هي إلياذتنا
والطائرة الرئاسية
بالنسبة لنا

بيد أنّه هناك
هناك حيث ترتعش الحرارة
تشرع السماء بالدّوران
لأنها قريبة من مناطق الاستواء

ثمّة شعوب عيونها
لا تموت أبداً

وهي تملأ الفضاء
الكبير

الهنود الحمر بصدد
المجيء

لديهم مناجل لقطع
الأعشاب العالية التي تغطّي
وجه الشمس.

■■■

هذه السماء الغائبة

ليس هناك ضفادع
في هذه السماء الوسيعة
ولا رسالات
ليس هناك سماء
داخل هذا الدّماغ
ولا كلمات
لا يوجد دماغ
في هذا الجسد
ولا روابط.

*

الروابي جافّة
والذّهب لا يجعل الحشائش
تنمو
أسود وفيلة
نفقت

*

هل كانت ذاكرتي منذ زمن طويل
أرضاً محروقة؟
الجفاف
في الرّوح
وفوق الأرض.

*

قتلوا رجلاً
بمضرب البيسبول
“آه” قال البوليس
“يا له من لعب سيّئ!”

*

لا أحد يعرف جمال
كاليفورنيا الكامل
بقدر ما أعرفه
إنّها آلهة عارية
من مناجمها
لها رائحة بنزين
بيد أنّها تتذكّر…
كل ما ينساه أي كان.

*

هم يتحدّثون عن الحريّة…
يربون قططاً لتغذية
الكلاب
ويقتلون حوت البالين
لتوفير طعام القطط
وهم يبكون الصّين
لأنّه لم يعد ثمة
هنود
في هذه النواحي.

*

أنا امرأة
أأكون الأرض الأمّ؟
أنا نصف الكون
ألا أصير أبداً كائناً مكتملاً؟
أنا الصّمت الذي يحيطني
أنا الحديقة الخاوية
أسرع عبوراً من غيمة
أنا نقطة.

*

عندما نكون على وشك الوقوع في الحب
في ذاك التشتّت
والانكسار
لا يصير للزمن قياس
بالنسبة للجسد
والريح تهب
في احتكاك خريفي
ثمة دائما دم
فوق بعض الطرقات
وصداقة الموت
الفاسقة.

*

ثمّة ضجيج
في قلوبنا
جيئة وذهابا
تنفّس غير مكتمل
بنياط مشدودة:
ألم ممض في المفاصل
والثنايا.

*

صف الجسد
إن استطعت
وستكتشف أن روحك
لا تمتّ للحقيقة بصلة
لأنّ المادّة
هي متاعنا الشخصيّ الحميم.

*

انظر: النيزك
هو صورة الموت،
إنّه ضوء يعدم نفسه
بعيداً عن منابته.

*

مشابه للغبش حيث
ينام المحيط الهادي،
عزلته مكونة من اشكال
رماديّة: إنه يبحث عن صوره الاستعارية
في الإلكترونيك، وهو لا يعيش
في غير شحوب الرّموز

*

هي، في النشيد الورديّ
لغرفة، حب
مقفر، وزمن الأشجار
الضّائع….

*

التلفزيون متعلق
بطرف غابة الوحوش
لا تدخل في الجوهر المقدّس
للحاضر.

■■■

العودة من لندن

1.

ألمح أثناء عبوري
شرخاً في نسيج
النّهار.

2.

يتناقص عدد الملاحين
والبحر ينتظر
نهاية الكائن الحيّ.

3.

سآخذ القطار بعد قليل
ثمّ سأوغل في الجدار
المغطى بالكروم الحمراء.

4.

غير وارد
النّزول إلى الحديقة
على الزّمن
أن يغادرنا.

5.

ضعوا تيجانا
ذهبية فوق رؤوسكم
فالجحيم ليس وحده
من يمتلك النّار.

6.

نسمّي التاريخ آباراً
مفعمة بالارتعاش الجنسي
وهذه الشجرة مشدودة
إلى ظلّها.

7.

اللّعنة جلبة،
انفصام، نظرة تنغلق
وضربة نتلقاها على الرّأس.

8.

بعض المقتنيات تموت
قبلنا، وقبل الحرب
كانت البيوت تنهار
تحت ثقل الأثاث.

9.

لا برودة في هذا الصيف
لا خبز أيضاً،
محاط بالثروة
ثقب قي خاصرة السفينة الفضائيّة.

10.

زاغ التفكير منذ اللحظة
الأولى قلت لكم امضوا
إلى الجبل فمن فوقه لن تروا أي شيء.

11.

الحمى أصابت الزمن والضوء يدهشه بريقه
الخاص
حينئذ يبدأ السؤال النّهائي
ماذا فعلت بطفولتي.

12.

يبدأ الانتباه من ضباب
لا يدرك، وفي أيام
المطر نصير نباتات.

13.

لا تضع تلك الرغبة في الوجود
التي تسبق الولادة يولد التاريخ
في أماكن لاماديّة ثمّ يتبع القدر.

14.

الحبّ هو تمرد الموت،
وبقاؤنا رهين
بقدرة الواقع على الانفلات
من هجمة اللغة.

15.

الكسل ذو التّأثير المسكر
هو خمرة الفقراء وأولئك الذين
يضلّون بينهم.

16.

ثمّة أشكال من الحبّ تتضخّم
كالسرطان ونحن نتشبث بها
كما يتشبث الجسد بمرضه والقمر بالشّمس.

17.

ونحن فضّلنا الغياب
والألم والصّمت على الرّغبة الوالهة
لرؤيتك
سوف نظلّ نسدّده إلى آخر الأبديّة.

18.

أريد أن أفكر كقارب نجاة
لفظته الأعماق إلى
السطح المضيء والقاتل
للبحر.

19.

لتعلموا أن بلاد الإغريق هي نفسها
مسرح وهناك صعد الفكر
فوق الركح
وأعشى أعيننا بصفائه.

20.

وهناك ألم حيث ذهبنا
في غفلة عن القوى في شباب
ضائع، وبضوابط غير مميّزة
وأيد خاوية.

إيتيل عدنان

Comments are closed.