المكتب الرئيسي عدن

رحلة في ذاكرة مضت!.
عندما التقيت الشاعر والملحن الرقيق
صالح عبد الرحمن المفلحي

ينثرها: صالح حسين الفردي

رحلة في ذاكرة مضت!.

عندما التقيت الشاعر والملحن الرقيق

صالح عبد الرحمن المفلحي

عندما التقيت الشاعر والملحن الرقيق

صالح عبد الرحمن المفلحي

رحلة في ذاكرة مضت!.

عندما التقيت الشاعر والملحن الرقيق

صالح عبد الرحمن المفلحي

ينثرها: صالح حسين الفردي

ارتبطت -كثيراً -بروائع الشاعر والملحن الرقيق صالح عبد الرحمن المفلحي، كغيري من أبناء جيلي الذين تذوقوا زمناً شعرياً غنائياً وفنياً وثقافياً وأدبياً وإبداعياً جميلاً منذ مطلع سبعينيات القرن الماضي حتى بداية تسعينياته، وقد كان من حسن حظي -كذلك -أنني آخر من تحدّث إليه هذه الشاعر النبيل قبل رحيله بأربعة أشهر، في الحادي عشر من فبراير من العام 2005م في منزله العامر بحي السلام بمدينة المكلا، في لقاء جمعني به والأستاذ الذي أشار إليه المحضار في رائعته: (إذا برقت من القبلة ترفّع فوق يا طارف) قائلاً:

وخل سالم صفي يدّور في الملف إن كان شيء عنده لحد خالف.

للقاء أكثر من حكاية:

إن الحديث -اليوم -عن ذكريات ذلك اللقاء، وما علق بذاكرتي منه حتى اللحظة، يكمن في الأجواء الحميمية التي قضيتها بمعية هاتين القامتين الحضرميتين السامقتين، إذ كان التوفيق حليفي وأنا اقتحم عليهم جلستهم الرائقة، فقد ظللت لبرهة من الزمن أتأملهما وهما يتبادلان ذكريات زمنهم الذي مضى، ويحاولان استعادة ما تبقى منه في ذاكرتهما المتقدة.

المحضار في ذكريات الشاعر المفلحي:

   هذه الذكريات التي لامست شغاف القلوب استحضرت روح العبقرية الحضرمية الشاعر والملحن الكبير حسين أبوبكر المحضار، وتناثرت ذرات عطر مواقف ورحيق أشعاره ورقيق ألحانه في أجواء تلك الغرفة التي لا تكاد تتجاوز الأمتار الثلاثة – عرضاً وطولاً – ولكنها في تلك السويعات الجميلة ما برحت أن اتسعت فضاء حضرمياً كونياً، جابت أجواءه تلك الحكايات وتوسدته حنيناً عميق الذكريات، فكنت كمن وقع على كنز ثمين، بدأت ذرات تراب التاريخ تنفض غبارها عنه رويداً رويداً، فانساب نهر الذكريات للعملاق المفلحي متخذا مسالك حضرمية متعددة، معرجاً على أخاديد الأزمنة الحضرمية، نثاراً أريج عطره على تلك الأزمنة الجميلة، فكانت هذه شذرات من تلك النثرات العطرية المفلحية الحانية.

– ماهي الأغاني التي تراها قريبة إلى قلبك من أغاني المحضار؟

– الحقيقة أن أغاني المحضار كلها أغاني جميلة. مثلما كان هو يتمنى أن تكون بعض أغاني في ديوانه. كان يتمنى (رافعات الشيادر – شبعة العيد – خرج ذا فصل) والتي أشار الأستاذ بامطرف في مقدمة الديوان إلى أنها من أعظم الألحان والكلمات الحضرمية، أما أنا فأتمنى أن يكون لي الكثير والكثير من شعر المحضار.

– سمعت أن المحضار في جلسة كان يقول. بيت المفلحي تمنيت أن أقوله وهو يعدل بالكثير من قصائدي.  ما هو؟

– نص البيت هو:

وحبي واضح الرؤية ولا ينكره لك أحد.

هذا الكلام شهدوا به جماعة كانوا معه في منطقة الواسط. وحتى أظنه في شبعة العيد بيت أشار إليه .

ويا ما من ليالي سامرك فيها ونقهد

وبيت بالقبل لاطفك من ذا الخد لا خد

وسلمتك ولاء قلبي هول من غير تحديد

قال هذا كأنه أخذه المفلحي من غرغوري ..

وأما أغاني المحضار وأنا معجب بها كلها تقريباً تلك الأغنية التي يقدر فيها .. الراس وتشيب) .

– ميزة شعراء هذه المرحلة، أنك والمحضار شعراء وملحنون في وقت واحد!.

– هذه موهبة من الله سبحانه وتعالى. وهو بالحقيقة شاعر له نفس طويل باللحن فأنا ليلة من الليالي كنت جالس في هذا المكان وسمعت حد من الجيران فك أغنية لفنانة تغني (يا حلان في الغيضة) واستمعت – لهذا المقطع – فكيف بدأ هذا الشاعر بالمقطع الأول، وكيف لعب بعواطفه وسط اللحن، وكيف القفلة كانت حقه – كان بديعاً جداً جداً حتى في أبسط الأغاني.

اللحن – عندي – يسبق الكلمة، كما أستاذي المحضار:

– الواقع أنه اللحن عندي يسبق الكلمة كما هو عند أستاذي المحضار طبعاً عندما توضع اللحن تأتي بكلمات التي تلائم اللحن، إذا اللحن الحزين ترصد التقارب فيه أو تحاول أبعاد الهجر أو تشعر بعذاب فيأتي طبقاً للحن الموجود، فلما توضع اللحن توضع الكلمات على مستوى اللحن وأناته وآهاته هذا هو فأولاً أبدى مع نفسي بالدندنة وأسجله على (الريكوردر) وبعدين أتبع هذا اللحن وأشوف هل يشبه شيئاً من ألحاني أو ألحان المحضار إذا بعيد ألبسه بعدين بالكلمات.

المحضار ربي ما أعطاه موهبة الشعر فقط وإنما أعطاه الصول الجميل!.

– أنا أعرف المحضار منذ أكثر من سبعة وثلاثين عاماً، ليلتهما كنت مغادر الشحر ودخلت مسجد حصلت قدامي واحداً من الفقهاء من حبايبنا آل بن الشيخ بوبكر في واحد من مساجد الشحر، لما دخلت المسجد وجدت حلقة فيها مجموعة يقرؤون في صحيح البخاري من ضمنهم حسين المحضار، وأنا ما أعرفه شخصياً وهو كذلك، في الوقت هذاك أنا خرجت لي أغنيتان، مايس القد، ورسول بلغ، وهو خرجت له أربع أغاني، على ضوء ذا الكوكب الساري وغيرها، جاء الدور عنده للقراءة فلما كان يقرأ وهو شاب وأنا شاب أعجبت بصوته الجميل، المحضار ربي ما أعطاه موهبة الشعر فقط وإنما أعطاه الصول الجميل، سألت واحد جنبي من هذا، قال لي:

– هذا حسين أبوبكر المحضار.

– قلت هذا الشاعر.

– قال هذا الشاعر.

المحضار شاعر عظيم، كثير العطاء، عميق المعاني، رصين القوافي!.

عجيب .. ففكرت فيه، الموقف لا يحتاج إلى كلام، وقلت في نفسي أنا لازم أجاريه مهما كان الأمر أنا أقول قصيدة، هو يقول قصيدتين، قلت قصيدتين خرج ثلاث، تعمقت في أغانيه إلا ذي أغاني جميلة، فالمحضار شاعر عظيم في نفسه طويل، كثير العطاء، عميق المعاني، رصين القوافي، شاعر عظيم هو يعتبر أستاذي، وهذا العملاق لا يعوض في عدة أجيال قادمة فهو كثير العطاء دائماً شاعر عظيم لا يستهان به وأظن المنطقة لن تتعوض به على المدى القريب.

جلسة الشاي البخاري (السموار):

من ملامح صورة ذلك اللقاء، جلسة الشاعر الكبير صالح عبدالرحمن المفلحي وهو يحتوي أدوات الشاي البخاري، ويداعب بأنامله الحانية أهداب الفناجين بمنشفة خضراء يدعك بها جسدها ويضعها في صحنها الزجاجي الصغير ليبدأ في (طقوس) السكب لحبيبات الماء الأحمر المغلي على بخار قمة (السموار) في (قاع الفنجان) وتعبئة ما بقي بالماء، واذابت ملاعق السكر، المصحوبة (بحناتها في الفناجين)، هكذا التقاني في الدقائق الأولى، فأثار في داخلي شجوناً شتى، وبدأت أفكر وأتساءل: كيف لي أن أخوض في ثنايا تفاصيل حكاية هذا العاشق الشاعر الكبير، وقد أخجلني – كثيراً – بوداعته وحرصه الشديد على اظهار مودته المجسدة في تصرفاته العفوية مذ وضعت قدمي على عتبة باب غرفته، واستمر على هذا المنوال حتى لحظة المغادرة.

حوار دون مقدمات: 

كنت قبل أن تتاح لي فرصة الجلوس مع الشاعر الكبير المفلحي قد نشرت دراسة تحليلية من حلقات ثلاث في صحيفة (المسيلة) عن تجربته الشعرية، وأعدت ترتيب قصائد الديوان – بعد استثناء قصائد المناسبات – وفقاً ورؤيتي الخاصة لطبيعة العلاقات الإنسانية التي تمرُّ بها قصص الحبَ، وبدأت في قراءة هذه الروائع الغنائية، ولم أكن أعلم أن هناك من يذهب بنسخ في هذه القراءة والحلقات إلى الشاعر الكبير، وعندما نجحت في الحصول على تليفونه المنزلي رفعت السماعة فكان على الطرف الآخر، فما أن عرفت بنفسي، حتى وجدته يرحب بي ويشكرني على محاولتي تلك، فاستغليت الفرصة وأبديت رغبتي في اللقاء به فازداد ترحيباً وشكرا.

هذه البدايات كانت مهيمنة على أجواء اللقاء، ولكنه منحني طرف الخيط لبدء الحوار عندما أشار إلى اعجابه لكل ما كتبت وخلصت إليه في تلك القراءة المتواضعة، عند ذلك، انتهزت الفرصة قائلاً:

– قصيدة بلجيك فيها الرمز القوي.

– الكلام الرمز أنا أقصد به كلام خاص ما أقصد به شيء من الأشياء السياسية ولا حاجة لا .. لا ..

– يعني هو ضمن مرحلة العشق وضروري من التلميح أحياناً يكون أقوى من التصريح؟

– أيوه أيوه، نعم جاءت في هذا الإطار.

– وجدت أنها من القصائد القليلة التي فيها الرمز في الديوان، هل هي جاءت قبل شبعة العيد أو بعدها؟

– بلجيك سبقت شبعة العيد ..

– هل نستطيع القول أنها ما فاد التلميح فكان لابد من التصريح؟

– نعم .. نعم تقريباً هكذا

– بس الرمزية قوية شوية؟

– قوية .. بعد ذلك كل فسرها بتفسيره الخاص به ..

(لا تغرك شبعة العيد)، مثل حضرمي معروف، ولكنني طوعته لهذه الأغنية!.

– الشيء الذي مازال في ذاكرة الناس ومازال مسيطراً عليهم حتى اللحظة وسار كالمثل، ويظهر كثير من صفاتك أنت التي أشرت إليها في الأبيات الأولى في ديوانك، إنك إنسان لا تحب التلون ولا تحب التغير، وإنك صاحب مواثيق وعهود، هذه القصيدة ماهي مناسبتها وهل تتذكر في أي عام؟

– الآن أنا ما أتذكر في أي عام – تقريباً فوق 25 سنة – تقريباً هكذا طبعاً الشعر يجيك دون أن تبحث عنه، شيء يملأ عليك إملاء دون ما تتقصده فجأة، جملة (لا تغرك شبعة العيد) هي مثل حضرمي معروف، ولكنني طوعته لهذه الأغنية.

– وكان التطويع مناسباً للحالة التي أنت تعيشها؟

– أيوه .. أيوه وبدأت به جزائي يوم أنا أحبك وخليتك مزيد وكل الناس فيما لقيته فيك تشهد

إذا ناديتنا لبيت بك عيني ويا سيد

توقع يا حبيبي لا تغرك شبعة العيد .

– كلمة توقع ما فيها رقة؟

– فيها رقة فعلاً .. وأنا توقعت منه أن يفهمها ..

– حتى في لحظة القسوة تحادي بمن تحب؟

– بعد ذلك جاء وياما من ليالي سامرك فيها ونقهد وبيت بالقبل لا طفك من ذا الخد لاخد وسلمتك ولاء قلبي هول من غير تحديد.

– أيضاً كلمة هول.

– هول كلمة حضرمية ما فيها وزن ولا فيها كيل .

– بعد ذلك جاء البيت الذي تقول فيه على كتف الدلل.

– تفحسك في الأسواق كل يد وعرضوا بزك البالي على أبيض وأسود لأنك قاصر القيمة وبزك عيف تقليد.

– هذا البيت مازال إلى الآن الكثير من المحبين للأغنية الحضرمية يتساءلون المعلوم عن الشاعر المفلحي رقته وعاطفته الجياشة، ولكن في هذا البيت!

– أيوه أيوه هذا البيت فعلاً كان شديد شويه شديد قليل وكنت أتمنى أن لا يكون في الأغنية ولكنه جاء عفوياً.

 – ولكنه جاء صادقاً!.

قد يكون عن صدق جاء .

  • قد يكون يلملم جراح!.

قد يكون هكذا ولكن لا أريده بالطريقة هذه كان شديداً وقوياً ومؤثراً في نفس الوقت .

– لذلك رجعت في نفس القصيدة في آخرها تقول وبحرك ..

– ما أعترف لي ضاع فيه الجزر والمد ولو حاولت بابلده فيه البلد بلد ويصعب معرفة بحرك على عز النواخيذ.

– لأنه هنا كمن حاول أن يعيد الاعتبار لمن يحبه.

– أيوه هذا ما حاولته ..

الشباب شعلة من الجنون!.

–  الآن عندما ترجع إلى هذه الروائع، التي كتبتها في مرحلة الشباب كيف تنظر لها أنت؟

– والله في نوع من الإكبار وأتساءل مع نفسي هل أنا قلت هذا الكلام، الآن أنا متردد وعندما استطلع ديواني أقول كيف أنا قلت هذا الكلام، طبعاً الشباب له زخمه الخاص، والشباب شعلة من الجنون.

– هذه الكلمات في شبعة العيد فيها الكثير من المعاني الإنسانية.

– (مقاطعاً) الواحد لما يوضع كلام زي هذا يوصف حبيبه أنه مثلاً كيف أنا كنت أقدرك ومعجب بك وواضعك موضع التقدير والاحترام وليس تصد هذا الصد كله إلى آخره فتأتي الصيغة على هذا المنوال.

– جاءت فيها بعض الصور الجميلة مثل (ليه الكبر ذا كله وليه الظلم والصد)، هذه ثلاثة أشياء إذا واحدة منهن بقيت عالقة.

 (مقاطعاً):

– قد يكون الشاعر واجهه حبيبه بشيء كلام أثر عليه وشاف مثلاً محبوبه تطاول في الهجر والبعاد والكبر يقول هذا الكلام في سياق حالته النفسية.

– البيت الذي يقول على كتف الدلل تفحسك.

(مقاطعاً):

– هذا البيت أنا في الحقيقة ما أريد أن أقوله لكن يعني قلته، حتى حسين المحضار – الله يرحمه – كان يقول لي:

– هذا البيت شديد شويه.

– قلت له:  فعلاً شديد شويه وما أريد أن أقوله ولكني قلته شيء دفعنا في القول فقلته.

– البيت الذي بعده وبحرك ما أعترف لي وكأن فيه تراجع عما قلته فمعناه أنك نوع غريب ما اعترفت لي، ما عرفت ميولك نحوي خاصة، ففيك الصد وفيك البعد رغم إننا أحبك بأمانة ولكن لم تستطع أن تميّز بحره حتى آخر لحظة.

– أيوه. أيوه ما استطعت أنا أن أميز بحره ولو أنه يحبك وأنت تشعر بهذا الحب ولكن الإنسان نسّاي دائماً، والإنسان لابد أن يكون موضع تساؤل دائماً.

كل أغنية أعطيها مرسال!.

– اللحن هذا الغنائي من أول من غنّاه؟

– غناه مرسال كل أغنية أعطيها مرسال.

– هذه الكلمات بعد أن قلتها هل أعدت تعديلها؟

– ماشي تعديل خلاص الشيء لما تكتبه وتقوله ويغنيها الفنان معاد شيء تعديل.

في هذا السن وهذا النضج لا يمكن أن أقول كلاماً جارحاً!.

– طُلب مني أن أسألك هذا السؤال – الآن – وأنت بهذا السن وهذا النضج إذا أعدت ذاكرتك إلى الوراء هل ستكتب هذه الأغنية بهذه القوة؟

 (مقاطعاً):

– لا لا طبعاً لا لأن الشباب كما قلت شعلة من الجنون ويندفع اندفاعاً كثيراً وأنا في مثل هذا السن وهذا النضج لا يمكن أن أقول كلاماً جارحاً مثل هذا الكلام لأنه كلام جارح فعلاً أبيات جارحة.

– هذا الكلام الجارح هو كلام بديع لأنه ربما يكون رسالة للكثيرين أن لا يتمادوا في الصد والهجران.

 (مقاطعاً):

– طبعاً طبعاً، وهي رسالة الفن كما قلت ولكن الواحد يكون دائماً حذر لا يكرر مثل هذه الأشياء فإذا قال كلام جارح لا يكرره أبداً، الحبيب حسين المحضار أشار إلى هذا البيت وقال إن هذا البيت شديد شويه فأنا قلت شديد شويه صحيح وأنا ندمت عليه.

ديواني الثاني عند الدكتور البار وسيرى النور قريباً!.

– أنت الآن لك ديوان بإذن الله سيرى النور قريباً؟

– إن شاء الله سيخرج قريباً وهو عند الدكتور عبدالله حسين البار لتقديمه فهو المسؤول عنه. والتسمية هو سوف يقوم بها. الديوان الأول أنا عملت خيارات للأستاذ بامطرف واختار هذا الاسم (خواطر في أنغام)، لكن هذا – للدكتور/ عبدالله البار ليسميه كما يشاء ويشرفني أن يسميه كما يريد.

البار صديق حميم .. شاعر عظيم وفنان وعازف عود وأديب ومحامي!.

– لك ذكريات مع الشاعر حسين محمد البار؟

– أيوه، كان صديق حميم لي وكنت أشاوره في بعض الأمور ولا أستغني عنه – الله يرحمه – فقد كانت لنا مقايل في منزل محمد جمعه خان دائماً .. وكان حديثنا السفر والغناء والطرب حتى لما سمع أغنياتي الأولى (مايس القد، بلغ سلامي) كان يقول لي (عسى الأسباب خير)، شاعر عظيم وفنان وعازف عود وأديب ومحامي , وشاعر يقول باللغة العربية الفصحى والعامية .

ثقوب في الذاكرة:

كثيراً ما أعود إلى تلك اللحظات التي شاء الرحمن أن أكون بمعية مثل هذه القامات الإبداعية في وطننا الكبير، فأجد نفسي تتناوشها العديد من الأسئلة الحائرة:

  • ماذا قدمنا لهذا الجيل العظيم من المبدعين في حضرموت خاصّة والجنوب عامّة، وطناً ومهجراً؟!.
  • ماذا حفظنا لهم من أصالة وتأصيل غرسوه في باطن الأرض، وفي كلّ زاوية من زوايا الذاكّرة الوطنية، ورعوه ورووه بماء حياتهم وجميل عطائهم؟!.

ظللت أكرر -على ذاتي الصغيرة -هذه الوخيزات، لعلها تضعني على بصيص أمل في قادم يستعيد ذاكرتنا المثقوبة، فلم أفلح إلا في تكرار التساؤلات. 

Comments are closed.