اتحاد ادباء الجنوب يدعو المجلس الانتقالي لإعادة أحياء السينما بعدن
نظم اتحاد أدباء وكتاب الجنوب فرع العاصمة الجنوبية عدن أمس الأحد 29 ديسمبر / كانون أول 2019م ندوة ثقافية تحت عنوان: “رؤية مستقبلية لإعادة إحياء الفن السابع في عدن” بمقر الاتحاد الكائن في حي أكتوبر (جوار ثانوية عبد الباري للبنات) بمديرية خور مكسر في العاصمة عدن.
وركزت الندوة في المحور الأول، الذي تحدث عنه الأستاذ عبد الله علي، على التاريخ الحافل للسينما بعدن، فيما سلط المحور الثاني، الذي تحدث عنه الدكتور عبد السلام عامر، الحديث عن ضرورة إعادة أحياء وانعاش الفن السابع (السينما) في عاصمة الجنوب (عدن) من خلال تقديم رؤية مستقبلية.
-إعادة دور السينما وتشجيعها
وبدأ الندوة الشاعر مازن توفيق بالحديث عن السينما في عدن، حيث قال: “شكلت السينما، منذ اكتشافها في القرن التاسع عشر، إحدى وسائل الاتصال الجماهيري التي تطورت ونضجت خلال القرن العشرين، حيث أخذت بممارسة دورها الكبير في التعريف بنشاط الشعوب والجماعات البشرية وثقافاتها، وطموحاتها، وآمالها، وآلامها، وقامت بنقل تجارب هذه الشعوب وخبراتها للآخرين”.
وأضاف: “وساهمت السينما في عملية التفاعل الحضاري فيما بين الشعوب والثقافات، وأصبحت وسيلة لنقل المعارف والمشاعر والتأثير على المتلقي”.
وأشار توفيق إلى أن السينما: “لعبت دورًا كبيرًا في تشكيل الوعي والرأي، وتحفيز الجماهير على امتلاك القدرة والارادة والمبادرة في الأداء والفعل”.
وتابع: “غدت السينما عاملًا تعليميًا يدفع نحو فهم أعمق، وأثارة الأسئلة والبحث عن الإجابات للواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والرياضي”.
واستطرد: “وبعد تطورها (السينما) أصبحت من أكثر الوسائل تأثيرًا لا سيما وانها وظفت مختلف صنوف الفنون في أدائها، وتمكنت من التعبير بها دون توقف عند حدود (اللغة، أو اختلاف مستويات النمو الحضاري، أو طبيعة العادات والتقاليد)، ففي السينما ثمة استثمار لفنون التصوير والرسم والفن التشكيلي، والحركة من تمثيل ورقص وغناء وموسيقى وسرد ودراما”.
وأكد أن السينما غدت لغة عالمية تستطيع الوصول إلى الجميع (شعوبًا وأممًا وقبائل).
واختتم توفيق حديثه بالقول: “إن إعادة دور السينما في عدن وتشجيعها في جنوبنا الحبيب أمر لا بد أن يكون من أهداف الثورة الجنوبية، وقياداتها الحالية ممثلة بالمجلس الانتقالي الجنوبي”.
-تاريخ سينما عدن
بعدها، تحدث مدير عام المؤسسة العامة للسينما فرع عدن الأستاذ عبد الله علي مقبل، الذي يعمل في السينما منذ عام 1965م، على التاريخ الحافل لسينما بعدن.
وقال أن: “السينما في عدن تعتبر الأولى في المنطقة العربية وشرق افريقيا”، مؤكدًا أن: “سينما (ريجل) تعتبر الأولى في المنطقة العربية وشرق افريقيا”.
وأشار مقبل إلى أن: “أول سينما في عدن هي (ريجل)، فيما ثاني سينما هي (راجيل)”.
وأعتبر أن سينما (ريجل) كانت خاصة للسلك الدبلوماسي.
وأكد أن: “السينما في عدن تعتبر ارقى سينما في المنطقة العربية”.
وذكر مقبل أهم الأفلام السينمائية التي مُنعت من العرض.
وأضاف: “تطور السينما في عهد الحزب الاشتراكي أكثر بكثير مما كانت عليه في عهد الاستعمار”.
وذكر الآلات التي كانت تمتلكها السينما في عدن، والتي لم تمتلكها اغلب الدول، حد قوله.
وتحدث مقبل باستفاضة عن تاريخ السينما في مدينة عدن.
وعدد مقبل، في ختام حديثه، عن دور العرض السينمائية في مدينة عدن.
–رؤية مستقبلية
بعدها، تحدث رئيس دائرة الحقوق والحريات لاتحاد أدباء وكتاب الجنوب فرع العاصمة عدن الأستاذ الاكاديمي في معهد جميل غانم للفنون الجميلة الدكتور عبد السلام عامر عن ضرورة إعادة أحياء وانعاش الفن السابع (السينما) في عدن من خلال تقديم رؤية مستقبلية.
وقال: “قبل الحديث عن السينما، أو كما يطلق عليها (الفن السابع)، دعونا نفكر بشكل مسموع من خلال تساؤلات كانت حبيسة أذهان البعض.. حيث أن موضوع السينما كثرت فيه القراءات وتعددت الآراء، وتنافست حوله المنتديات، واختلف البعض وأتفق الكثير حوله.. حيث يظل، وسيظل، السؤال مطروحًا إذا ما تم أولًا اجتثاث كافة المعوقات والعراقيل التي اصطنعتها حكومات ما بعد (الوحدة) أو ما بعد اجتياح الجنوب عام 1994م”.
وأضاف: “لذلك، وبعد أن أصبح شعب الجنوب يسيطر على أرضه ومؤسساته، يتطلب اليوم عمل جاد ومخلص في طرح المعالجات العلمية السريعة وفق معايير مهنية واكاديمية بمشاركة ذوي الاختصاص، وتحييد من ليس له علاقة بمفهوم العمل السينمائي والصناعة السينمائية، الذي لا تنطبق عليهم تلك المعايير خصوصًا عندما يأتي الحديث عن التفاصيل الدقيقة للعملية الفنية والمهنية والإنتاجية برمتها”.
وتابع: “وجميعنا يدرك أن أحد أسباب تعطيل الكثير من العمل الإبداعي والمؤسسي عمومًا يعود للتفاصيل الفنية والإداري الجاهل لطبيعة عمله في المرافق الإبداعية المنتجة، وعدم فهم الاستراتيجيات والخطط والبرامج بهذا الشأن، والتي لم يدركها أو يفهمها من كان يدير العملية الثقافية، وتحديدًا بعد عام 1994م، ودون دراية كافية بعلومها التخصصية وفوائدها الاقتصادية والاجتماعية والتنويرية وحتى السياسية، كان ذلك بقصد ممنهج أو دون قصد، وكان سببًا في انهيار كافة الفنون في الجنوب عمومًا وعدن خصوصًا”.
واستطرد: “المعالجة التي ننشدها اذا ما توفرت أولًا الإرادة والانسجام التام مع قيادة العمل الثقافي في الوقت الراهن بين المؤسسة العامة للسينما (غير الفاعلة حاليًا) ومكتب الثقافة بعدن من جهة، والمجلس الانتقالي الجنوبي من جهة أخرى، والبدء من الان بالطريق الصحيح لعلنا نجد أول الخيط تجاه حلحلت كافة المعوقات، وبناء على هذه المعطيات، التي ذكرناه سلفًا، ومن ثم معالجتها كونها عطلت العمل الإبداعي والفني الشامل، ومؤسسة السينما على وجه الخصوص”.
وأكمل: “الحديث عن مؤسسة السينما ليس مجرد تصوير فيلم أو تقديم دعم لإنتاجه، وانما السينما هي صناعة وإنتاج ولها أولوياتها، ومنها مثلًا (دور العرض السينمائي، جلب الأفلام الأجنبية وعرضها، وإنتاج الأفلام المحلية (تسجيليه وروائيه وقصيرة)، بالإضافة إلى استثمار وتشجيع المستثمر في انشاء دور سينما، وايجاد عمال مهنيين في مختلف التخصصات، ومخازن وبناء ورش مستقبلية، وأخيرًا الإدارة)”.
وقال عامر: “كل ذلك يتطلب إعادة بناء المؤسسة من جديد وهيكلتها من قبل الدولة أو القيادة السياسية للدولة الجنوبية المنشودة، لأنه مهما كانت هناك من تباشير وحلول سياسية لاستعادة الدولة الجنوبية، والتي تحمل مشروع فيدرالي مدني حديث، وفكر جديد للاقتصاد والسياسة والثقافة والمجتمع، لذلك لا بد من الحديث عن أهمية دعم الثقافة وتحديدًا (دور الفن والإنتاج الفني الحقيقي) في زمن العولمة واقتصاد السوق وتكنولوجيا العلوم الحديثة والفضاء المفتوح”.
وأضاف: “ما أريد قوله أنه بات علينا حتمًا أن نتفق على ما نود تحقيقه في صناعة السينما والدراما وتفعيل المسرح، وكل ذلك لن يأتي إلا إذا استوعب السياسي (صاحب العصمة والقرار) الافراج عن عقله من سجن الابتزاز الفكري، والدفع بالإنتاج الثقافي والفكري والفني إلى بروزه وظهوره كمشروع استراتيجي قومي للدولة الجنوبية المنشودة من خلال توفير البنية التحتية الكاملة بالمواصفات العالمية، والكادر المؤهل والإيمان بأن ذلك سوف يأتي بمردود اقتصادي، ويرفع من مستوى المنشغلين بالحياة الثقافية والفنية (اقتصاديًا وثقافيًا وأخلاقيًا) في المجتمع كنظرائهم في الوطن العربي.. وعلى حكومات الدولة الجنوبية الحديثة القادمة أن تعي أهمية رصد الموازنات المالية لجانب الثقافي والإبداعي وخاصة الإنتاجية أسوة بالإعلام”.
وتابع: “لذا فإن تقديمنا للرؤية المستقبلية، والتي نفندها في نقاط عمل كأسس لمحاور مستقبلية وتشكيل المشروع الاستراتيجي بحيث نعمل به جميعًا كل في اختصاصه إذا ما تم التوافق عليه، وتقديمه كورقة عمل إلى طاولة أول حكومة جنوبية تُشكل بإذن الله، والعمل على ترجمتها”.
وابرز عامر عدد من النقاط، وهي كالتالي:
1 – أهمية صناعة السينما في الجنوب، وتأثيرها المباشر على الحياة الثقافية والاقتصادية والاجتماعية.
2 – دور السينما التنويري في تنمية الوعي الثقافي والاجتماعي لمواجهة الأفكار المتطرفة وثقافة الجهل والتخلف.
3 – تطوير الفنون والدراما والمعاهد التخصصية والإسراع في فتح دور سينما (أورى، وريجل) كمرحلة أولى للمساهمة في دعم اقتصاد عدن من خلال الإيرادات.
4 – الإسراع في تفعيل دور المؤسسة في عدن، ومساندة القائمين عليها.
5 – ترميم وتنشيط سينما (أروى، وريجل) من قبل المجلس الانتقالي الجنوبي خاصة وأن حكومة الشرعية اليمنية لم، ولن تعمل لصالح عدن.
6 – المواجهة الحقيقة في الصراع مع أهل الكهوف لا يمكن أن تنتصر إلا من خلال رفع المستوى الثقافي والجمعي للأمة، ودعم مباشر لكافة أنواع الفنون.
وأشار عامر إلى أن: “هذه النقاط قابلة للزيادة وتحديدًا إذا تم إقامة ورشة عمل نتمنى أن ينظمها المجلس الانتقالي في العام القادم (2020م)، والذي نتبنى هذا المشروع بمشاركة اختصاصين ورجال اقتصاد وعلم اجتماع وخبراء من هيئة الاستثمار والتنمية وبعض خبراء من شركات عربية وهيئات شقيقة من أجل بلورة ورقة عمل علمية ضمن المشروع المستقبلي للجنوب”.
واختتم حديثه بالقول: “إذا ما اردنا بناء دولة جنوبية قوية في كافة المجالات بالتوازي والتوازن مالم سنقع في خطأ تاريخي، ودولتنا الجنوبية لا بد أن تبنى بالقوتين (القوة الصلبة، والقوة الناعمة)”.
توصيات:
وخرجت الندوة، التي حضرها (رئيس اتحاد أدباء وكتاب الجنوب فرع عدن الأستاذ نجمي عبد الحميد، ونائبه الدكتور يحيى شايف الشعيبي، والأستاذ الشاعر شوقي شفيق، وعدد من الأدباء والمثقفين الجنوبيين والمهتمين بسينما عدن، بعدد من التوصيات أهمها دعوة المجلس الانتقالي الجنوبي إلى ضرورة دعم إعادة أحياء وانعاش السينما في عدن من خلال إقامة ورشة عمل علمية لاستعادة دور المؤسسة العامة للسينما في الإنتاج الفني والخدمي، وصناعة سينما تدعم الاقتصاد والمجتمع.
وشهدت الندوة عدد من المداخلات القيمة والهادفة التي طرحها كلٍ من (نائب رئيس اتحاد أدباء وكتاب الجنوب فرع عدن الدكتور يحيى شايف الشعيبي، ورئيس اتحاد أدباء وكتاب الجنوب فرع عدن الأستاذ نجمي عبد الحميد، والأستاذ الشاعر شوقي شفيق، والممثل وهيب داؤود، والأديب الشاعر أبو بكر الهاشمي).
وتعتبر ندوة “رؤية مستقبلية لإعادة إحياء الفن السابع في عدن” تتويجًا لأنشطة اتحاد أدباء وكتاب الجنوب فرع العاصمة عدن للعام 2019م الذي شهد حراكًا ثقافيًا وأدبيًا وفنيًا كبيرًا لفرع عدن.
Comments are closed.